تحديات الأمن الغذائى فى مصر وطرق مجابهتها

تحديات الأمن الغذائى فى مصر وطرق مجابهتها

كتبتها: جينيس محمد
قطاع مختبر الأبحاث 
إنّ تحقيق الأمن الغذائي دائمًا ما كان على رأس أولويات أجندة الدولة المصرية  ، فهو أحد المكونات الرئيسية للأمن الإستراتيجى القومى وقد نص الدستور المصري في مادته (79) على أن " لكل مواطن الحق في غذاء صحّي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال" .

وتحتل مصر المركز (77) عالميا وفقاً لمؤشر الأمن الغذائى العالمى 2022 ، فقد حققت مصر 53 نقطة كقيمة المؤشر الإجمالية للأمن الغذائي .

• مفهوم الأمن الغذائي؟

عرض مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عُقد في عام 1996، الأمن الغذائي هو وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.

ووفقاً للبنك الدولى : يشعر النّاس بالأمن الغذائى عندما لا يعيشون فى حالة جوع أو خوف من الجوع ، ممّا يعنى الحصول على طعام متوازن ذو قيمة غذائية بأسعار معقولة وصديق للبيئة .

• سوء التغذية

سوء التغذية حالة تحدث عندما يفتقر الجسم إلى ما يكفيه من المواد المغذية للحفاظ على عافية أنسجته، وقيامه بوظائفه المعتادة وهي تنتج عن عدم تناول الفيتامينات والمعادن اللازمة لصحة جيدة بشكل متوازن، إما بكميات قليلة، أو أكثر من اللازم.

• يتحقق الأمن الغذائى بتحقق أربعة أبعاد رئيسية فى آنٍ واحد وهى :

1. التوفُّر المادّي للغذاء: حيث يتحدد ( العرض ) من الغذاء وفقاً لمستوى إنتاج المواد الغذائية، ومستويات المخزون، وصافي التجارة فيها.
2. الحصول المادي والإقتصادي على المواد الغذائية : إنّ العرض الكافي من المواد الغذائية على المستوى الوطني أو الدولي لا يضمن في حد ذاته تحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأسر،وإنما توجد عدّة عوامل أخرى مثل الدخل والإنفاق والأسواق والأسعار تؤثر على تحقق الأمن الغذائي.
3. الإستفادة من المواد الغذائية: أن يكون الغذاء آمن وصحّى وصالح للإستخدام البشرى ، ويمكن للجسم الإستفادة منه بيولوجياً بأكبر قدر من العناصر الغذائية التى يتناولها .
4. استقرار الأبعاد الثلاثة السابقة بمرور الوقت: إنّ الأحوال المناخية السيئة، أو عدم الإستقرار السياسي، أو العوامل الاقتصادية (البطالة، وأسعار المواد الغذائية الآخذة في الارتفاع ) تأثير على حالة الأمن الغذائي .

ومن أجل تحقيق أهداف الأمن الغذائي، يجب تحقيق جميع الأبعاد الأربعة في آن واحد..

• يؤثر الأمن الغذائي على جميع جوانب الحياة البشرية،بما في ذلك الصحة والنمو والتعليم والإنتاجية الاقتصادية، حيث يؤدي انعدام الأمن الغذائي إلى مجموعة من المشاكل الصحية، مثل التقزم والسمنة والأمراض المزمنة، كما يؤديإلى انخفاض الإنتاجية الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر.

• تواجه مصر مجموعة من التحديات التى تؤثر على أمنها الغذائى ، منها :

1. الزيادة السكانية : يبلغ عدد السكان حوالي 103 مليون نسمة، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد الغذائية ويؤدى هذا النمو السكانى الى زيادة الطلب على الغذاء مع عدم الإستقرار النسبى للمعروض من المواد الغذائية مما يسبب عجزا فى المواد الغذائية.
2. البطالة والفقر: إرتفاع معدلات البطالة والفقر، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين للحصول على الغذاء.
3. تغير المناخ: يؤثر تغير المناخ على الإنتاج الزراعي في مصر، من حيث إرتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار التى تؤثر على كميّة مياه الأمطار المتدفقة فى نهر النيل، وإرتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة الى هشاشة نظم إنتاج الغذاء مما يتسبب في تلف المحاصيل وإرتفاع أسعار الغذاء .
4. الإضطرابات السياسية والنزاعات المسلّحة التى مرّت بها البلاد:  تؤدي التوترات وعدم الإستقرار السياسي الى إستغلال الفرصة من ضعاف النفوس للتوسع العمرانى على حساب مساحة الأراضى الزراعية والجور عليها بالمبانى كما حدث بعد ثورة يناير 2010 وتحويل النُظم الزراعية والغذائية والأنماط الغذائية من الريف الى الحضر ممّا يؤدّى إلى التصحّر، وكما حدث أثناء مكافحة الإرهاب من تجريف للمحاصيل الهامّة مثل الزيتون والفواكه والخضروات فى شمال سيناء ممّا يؤدى إلى تدهور الأمن الغذائى للمواطنين حيث تمثل هذه المحاصيل مصدر الدخل لهم .
5. نقص الموارد المائية : لا شك أنّ الموارد المائية فى مصر محدودة وينبغى الحفاظ عليها ممّا يؤثر على نوعية المحاصيل التى يتم زراعتها وطريقة الرّى ، كما أنّ مشاريع السدود التي أقيمت في الدول الواقعة على نهر النيل تؤدي إلى نقص كمية المياه المتدفقة إلى مصر .
6. ضعف البنية التحتية الزراعية: تعاني البنية التحتية الزراعية في مصر من ضعف، مما يؤثر على الإنتاجية الزراعية.
7. ضعف الإستثمار فى قطاع التنمية الزراعية : فهذا القطاع ليس من القطاعات الجاذبة للإستثمار لعدة أسباب، تتمثل في: إنخفاض العائد على رأس المال المستثمر في ذلك القطاع، طول دورة رأس المال المستثمر في بعض الأنشطة الزراعية، تعرض الإستثمار إلى مخاطر عالية؛ وذلك وفقاً ما ورد في تقرير الأمن الغذائي في مصر 2019.

1. زيادة معدلات التضخم وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى : 

ممّا لاشك فيه أنّ إنخفاض قيمة الجنيه المصرى كعملة محلية مقابل العملة الأجنبية ( الدولار) أثّر تأثيرا سلبيا ًعلى قيمة المواد الغذائية المستوردة والأسمدة والبذور ، ممّا أثّر على إمكانية حصول المواطن المصرى على السلع الغذائية بأسعار مناسبة للدخل .

1. ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً: مما يزيد من تكلفة الغذاء في مصر تستورد مصر ما يقرب من 70% من احتياجاتها من الغذاء ممّا يجعلها عرضة للاضطرابات في الأسواق العالميةللغذاء، ويتم استيراد محاصيل إستراتيجية هامّة مثل القمح الذى تأثر بصورة أساسية بالحرب الروسية الأوكرانية.
2. زيادة نسبة الفاقد والمهدر من الأغذية: ممّا يؤدى إلى إرتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية في مصر، حيث تعاني حوالي 10٪ من الأسر المصرية من انعدام الأمن الغذائي.
3. ضعف بنية التسويق الزراعي: بما في ذلك سوء التنظيم، وضعف البنية التحتية، وانخفاض كفاءة التسويق الزراعى، وكل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة التكاليف وإنخفاض ربحية الإنتاج الزراعي. 

• جهود بنك الطعام المصري كنموذج لمنظمات مجتمع مدنى في دعم الأمن الغذائي:

1. بناء الشراكات وبروتوكولات التعاون : مع توقيع العديد من بروتوكولات التعاون مثل وزارة التضامن والعديد من الجهات البحثية مثل أكاديمية البحث العلمى ، وأيضا الجهات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) بالإضافة الى العديد من الشراكات مع المؤسسات التنموية ( مؤسسة آبت أسوشيتس ، مؤسسة ساويرس للتنمية " إيراس" ) ، وكذلك معمل عبد اللطيف جميل  J-palتهدف هذه الشراكات إلى إقامة برامج تنموية مبنية على أسس علمية  وقياس أثر هذه البرامج على المستفيدين، والتحرك بخطى ثابتة نحو بناء نماذج ناجحة لقرية خالية من الجوع وإعلان البدء فى مركز الفرافرة بالوادى الجديد لدعمه وإعلانه فى المستقبل كمركز خالى من الجوع.
2. مشروع دعم وتمكين صغار المزارعين : لزيادة تمكين صغار المزارعين إقتصادياً ، وتحسين سبل العيش الكريم، بتطوير إمكانياتهم وقدراتهم وتقديم الدعم الفنّى لهم لخلق أنظمة غذائية مستدامة  ورفع سلسلة القيمة الغذائية عن طريق إمدادهم بالتقاوى والأسمدة والمبيدات الجيدة والمغذيات اللاّزمة لإنتاج محصول متميز، وشرائه منهم مباشرة بدون وسيط بسعر أعلى من سعر السوق لتشجيعهم واستخدام المحصول النهائى فى طرود بنك الطعام المصرى ، لتحقيق الدور الريادى لبنك الطعام المصرى فى تحقيق الأمن الغذائى المصرى. 
3. دعم الأسر الفقيرة والفئات الأولى بالرعاية : وذلك من خلال تقديم طرود المساعدات الغذائية للفئات الأولى بالرعاية التي لا تستطيع توفير الغذاء لأفرادها لتشجيعهم  ، بالتعاون مع الشركاء من منظمات المجتمع المدنى فى جميع محافظات مصر.
4. برنامج التقزم : الهدف من البرنامج تقليل نسب التقزم بتدخلات غذائية وصحية وتوعوية للأم الحامل حيث يتم التدخل فى مراحل مبكرة من المراحل الأولى للحمل حتى عمر سنتين للطفل ( 1000 يوم ) .
5. التغذية المدرسية : يتم تحسين تغذية الأطفال فى المرحلة الإبتدائية لأنها مرحلة هامة فى نمو الأطفال 

من عمر 6 – 12 سنة ، بإعداد وتقديم وجبات غذائية صحية وساخنة لطلاب المدارس ببعض محافظات مصر ، لمواجهة المشكلات المتعلقة بالتقزم والهزال والأنيميا وضعف النمو العقلي وضعف البنية الجسدية، وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة البدنية ، وقد ظهرت نتائج جيدة جدا لهذا البرنامج حتى الآن ويسعى بنك الطعام المصرى الى تطوير البرنامج وتوعية الأمهات المعيلات فى مطابخ بنك الطعام المصرى لتحقيق مزيد من النتائج وزيادة عدد الأطفال المستفيدين من البرنامج فى المرحلة القادمة من 35,000 طفل الى 100,000 طفل . 

1. برنامج تغذية الحضانات: تقديم وجبات ساخنة من مطابخ بنك الطعام المصرى ذات قيمة غذائية عالية لعدد 1300 طفل من عمر يوم الى 4 سنوات ، وجارى زيادة الأعداد فى المرحلة القادمة الى 3000 طفل .

بالإضافة الى العديد من البرامج التى يتم تنفيذها حاليا فى بنك الطعام المصرى لدوره الرائد فى المجتمع ، وتهدف هذه البرامج الى تمكين الأسر الأولى بالرعاية ومساعدتهم لتخطى الأزمات الإقتصادية المتتاية بطريقة مباشرة وغير مباشرة .